فك ترميز المخطوطات المصرية القديمة
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
فُكّت رموز أنظمة الكتابة المستخدمة في مصر القديمة في أوائل القرن التاسع عشر بجهود العديد من العلماء الأوروبيين، بالأخص جان فرانسوا شامبوليون وتوماس يانغ. لم تعد أشكال الكتابة المصرية القديمة المتضمنة الكتابات الهيروغليفية المصرية والهيراطيقية والديموطيقية مفهومة في القرنين الرابع والخامس بعد الميلاد، إذ كانت الأبجدية القبطية تحل مكانها باطراد. كانت معرفة الأجيال اللاحقة بالكتابات القديمة مبنية على عمل المؤلفين اليونانيين والرومانيين الذين كان فهمهم خاطئ للنصوص. وهكذا كان من المعتقد على نطاق واسع أن النصوص المصرية كانت رسمًا فكريًا محضًا (إيديوغرامية) تمثل الأفكار بدلًا من الأصوات، وحتى أن الهيروغليفية لغة باطنية صوفية وليست وسيلة لتسجيل لغة منطوقة. صرّحت بعض المحاولات لفك الترميز من قبل الباحثين المسلمين والأوروبيين في العصور الوسطى وأوائل العصر الحديث أن النص قد يتضمن مكونًا صوتيًا بيد أن تصور الهيروغليفية على أنها مجرد رسم فكري قد أعاق الجهود الرامية لفهمها حتى وقت متأخر من القرن الثامن عشر.
كان حجر الرشيد المكتشف في عام 1799 من قبل أعضاء حملة نابليون بونابرت في مصر يحمل نصًا متوازيًا بالهيروغليفية والديموطيقية واليونانية. وكان من المأمول أن يتم فك رموز النص المصري من خلال ترجمته اليونانية، ولا سيما بالاقتران مع الأدلة المستمدة من اللغة القبطية، وهي المرحلة الأخيرة من اللغة المصرية. وقد تبينت صعوبة المهمة ولا سيما مع توقف التقدم الذي أحرزه أنطوان إيزاك سلفستر دي ساسي ويوهان ديفيد اوكرلاد. لاحظ يانغ -بناء على عملهما- أن الأحرف الديموطيقية كانت مشتقة من الهيروغليفية وحدد العديد من العلامات الصوتية في الديموطيقية. حدد أيضًا معنى العديد من الكتابات الهيروغليفية، بما في ذلك الحزوز الصوتية ضمن الخرطوش الحاوي على اسم ملك مصري من أصل أجنبي، بطليموس الخامس. ومع ذلك، كان مقتنعًا بأن الهيروغليفية الصوتية استُخدمت فقط في كتابة الكلمات غير المصرية. في أوائل عشرينيات القرن التاسع عشر قارن شامبوليون خرطوش بطليموس مع الخراطيش الأخرى وأدرك أن الكتابة الهيروغليفية هي خليط من العناصر الصوتية والإيديوغرامية. قوبلت ادعاءاته في البداية بالتشكيك والاتهامات بأنه أخذ أفكارًا من يانغ دون منحه الفضل، لكنه حصل تدريجيًا على القبول. ذهب شامبوليون إلى التعرف تقريبًا على معاني معظم صوتيات الهيروغليفية ووضع العديد من القواعد والمفردات المصرية القديمة. من ناحية أخرى، فك يانغ إلى حد كبير ترميز الديموطيقية باستخدام حجر الرشيد مع غيره من النصوص المتوازية اليونانية الديموطيقية.
تضاءلت جهود فك الترميز بعد وفاة يانغ في عام 1829 وشامبوليون في عام 1831، ولكن في عام 1837 أشار كارل ريتشارد ليبسيوس إلى أن العديد من الكتابات الهيروغليفية تمثل توليفات من صوتين أو ثلاثة بدلًا من صوت واحد، وصحح بذلك أحد أهم العيوب الأساسية في عمل شامبوليون. صقل علماء آخرون كإيمانويل دي روجيه فهم اللغة المصرية كفايةً لدرجة أنه بحلول خمسينيات القرن التاسع عشر بات من الممكن ترجمة النصوص المصرية القديمة بالكامل. إضافةً إلى فك ترميز الكتابة المسمارية في الفترة نفسها تقريبًا، فتح عملهم أبواب النصوص التي تعذر تفسيرها من المراحل الأولى من تاريخ البشرية.