الشراكة التجارية والاستثمارية العابرة للأطلسي
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
الشراكة التجاريَّة والاستثماريَّة العابرة للأطلسي (بالإنجليزية: Transatlantic Trade and Investment Partnership، واختصارًا: TTIP) هو اتفاق تجارة مُقترح بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتَّحدة يهدف إلى تشجيع التجارة والنمو الاقتصادي مُتعدد الأطراف. وفقًا للمفوَّض الأوروبيّ لشؤون التجارة كاريل دي غوخت الذي شغل المنصب هلال الفترة من عام 2010 حتى عام 2014، فإن الشراكة التجاريَّة والاستثماريَّة العابرة للأطلسي هي أكبر مبادرة تجاريَّة ثنائيَّة جرى التفاوض عليها على الإطلاق، وهذا لا ينحصر فقط على سبب إشراكها لأكبر اقتصادين في العالم بأسره، ولكن أيضًا لما قد تُشكِّله من امتداد عالميّ من شأنه إرساء مثال على الشركاء والاتفاقيات المستقبليَّة.[1]
النوع |
اتفاق تجارة |
---|---|
التوقيع |
لم يُوقع عليها |
موقع الويب |
حالَ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دون استمرار عملية المفاوضات على الاتفاق،[2] ليقوم بعدها بافتعال صراع تجاري مع الاتحاد الأوروبي. أعلن ترامب والاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف التوصل إلى ما يُشبه الهدنة في يوليو عام 2018. وعاد الطرفان لمواصلة مفاوضات تُشبه كثيرًا اتفاق الشراكة التجارية والاستثمارية العابرة للأطلسي.[3] في 15 أبريل عام 2019، أعلنت المفوضية الأوروبيَّة أن المفاوضات كان «قد عفا عليها الزمن ولم تعد مرتبطة بصميم الموضوع».[4]
لا يمكن الاطِّلاع على الوثائق والمستندات والمقترحات الخاصّة بمحتوى اتفاق الشراكة التجاريَّة والاستثماريَّة العابرة للأطلسي بسبب سريتها حيث لا يمكن سوى للأشخاص الحاصلين على تصريحات خاصّة الاطِّلاع عليها.[5] تسبَّبت عدة تسريبات حاصلة لمضامين وخفايا الاتفاق بإثارة الجدل حولها.[6]
تقول المفوضية الأوروبيَّة أنَّ الاتفاق من شأنه إنعاش كل من اقتصاد الاتحاد الأوروبي بما يصل إلى 120 مليار يورو، والاقتصاد الأمريكي بما يصل إلى 90 مليار يورو، وبقية العالم بنحو 100 مليار يورو.[7] وفقًا لما ذكره كلًا من أستاذ القانون بكلية الحقوق بجامعة كولومبيا أنو برادفورد، وتوماس بوليكي من مجلس العلاقات الخارجيَّة فإنَّ اتفاق الشراكة التجاريَّة والاستثماريَّة العابرة للأطلسي يهدف إلى «تحرير ثلث التجارة العالميَّة»، ومن الممكن أن يؤدِّي إلى خلق ملايين الوظائف الجديدة.[8] اعتبر دين بيكر من مركز البحوث الاقتصاديَّة والسياسيَّة[9][10][11] في مقالة كتبها بصحيفة الغارديان البريطانيَّة بأنَّ الفوائد الاقتصاديَّة التي ستعود على كل أسرة ستكون صغيرة نسبيًا.[12] أمَّا وفقًا لما جاء في تقرير صادر عن البرلمان الأوروبي بخصوص تبِعات الاتفاق، فإن تأثيرات الأخير على ظروف العمَّال ستتراوح من مكاسب في وظائف معيَّنة وخسائر في وظائف أخرى، ويتحدَّد هذا بالرجوع إلى النماذج الاقتصاديَّة والافتراضات المُستخدمة في كل توقع من هذه التوقعات.[13]
تعرَّض الاتفاق للانتقاد وواجه معارضة من طرف بعض النقابات، والمنظَّمات غير الحكوميَّة، والجمعيات الخيريَّة، والمنظَّمات البيئيَّة ولا سيما في أوروبا.[14][15] وصفت صحيفة الإندبندنت فحوى الانتقادات الشائعة لاتفاق الشراكة التجاريَّة والاستثماريَّة العابرة للأطلسي بعمله على «تقليل الحواجز التنظيميَّة التجاريَّة أمام الشركات الكبرى، من ناحية أمور مثل قوانين سلامة الغذاء، والتشريعات البيئيَّة، واللوائح المصرفيَّة، وعمله على الحد من الصلاحيات السياديَّة لكلِ دولة على حدى».[16] كما وجَّه المعارضون للاتفاق انتقادات لاذعة له حيث اعتبروه «اعتداءًا من قِبل الشركات العابرة للحدود الوطنيَّة على المجتمعات الأوروبيَّة والأمريكيَّة».[16] كما أشارت الصحيفة إلى انتقاد «الطبيعة غير الديمقراطيَّة» للاتفاق الذي أُجرِيت مفاوضاته خلف الأبواب المغلقة دون شفافية كافية، فضلًا عن الدور الذي مارسته الجماعات الضاغطة النافذة خلال مرحلة التفاوض، وما قد يؤدي إليه الاتفاق من «تقويض السلطة الديمقراطيَّة للحكومات المحليَّة»،[17] واعتبرته الصحيفة أكثر اتفاق تجارة مثير للجدل كان الاتحاد الأوروبي قد تفاوض عليه على الإطلاق.[18] اعتبر عالم الاقتصاد الألمانيّ ماكس أوته أنَّ الاتفاق من شأنه التأثير سلبًا على النماذج الاجتماعيَّة الأوروبيَّة، وذلك من خلال وضعه العمَّال الأوروبيين في منافسة مُباشرة مع نظرائهم الأمريكيين (وفعليًا مع العمَّال المكسيكيين والكنديين بسبب عضوية الولايات المتَّحدة في اتفاقية التجارة الحرَّة لأمريكا الشماليَّة).[19] كانت مبادرة المواطنين الأوروبيَّة، وهي من آليات الاتحاد الأوروبي الخاصّة بالديمقراطية المُباشرة والتي تعمل على تمكين مواطني الاتحاد من دعوة المفوَّضية الأوروبيَّة لاقتراح إجراءات قانونيَّة،[20] بالقيام بحملة لجمع تواقيع معارضة لاتفاق الشراكة التجاريَّة والاستثماريَّة العابرة للأطلسي، والاتفاق الاقتصادي والتجاري الشامل مع كندا. استطاعت هذه الحملة من جمع أكثر من 3.2 مليون توقيع في سنة واحدة.[14][21]
عَبَّرت عدة منظمات أوروبية عن معارضتها للاتفاقية؛ فعلى سبيل المثال، في 2014، ذكر رئيس الاتحاد الألماني لحماية البيئة والطبيعة أن الأوروبيين يتخوفون من أن تؤدي الاتفاقية إلى خفض معايير السلامة الخاصة بإنتاج الغذاء المعمول بها في الاتحاد الأوروبي.[22]
في مايو 2015، نشرت منظمة السلام الأخضر 240 صفحة من الوثائق السرية المتعلقة بالمفاوضات، ووفقًا للصحيفة دويتشه تزايتونج حاول الطرف الأمريكي الضغط على نظيره الأوروبي بفرض قيود على صادرات السيارات الأوروبية إذا لم يوافق الجانب الأوروبي على تخفيف القيود على المنتجات الزراعية الأمريكية المعّدلة جينيًّا.[23]