تاريخ غازات الوقود المصنعة
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
بدأ تاريخ الوقود الغازي المستخدم لأغراض الإضاءة والتدفئة والطهي خلال معظم فترة القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين بتطوير الكيمياء التحليلية والغازيّة في القرن الثامن عشر. تتكون عملية تصنيع «غازات الوقود الاصطناعي» (المعروفة أيضًا ب «غاز الوقود المصنع» أو «الغاز المصنع» أو ببساطة «الغاز») من تغويز المواد القابلة للاشتعال والتي عادة ما تكون الفحم، أو الخشب والنفط. حُوّل الفحم إلى حالة غازيّة عبر تسخينه في أفران مغلقة بوسط جوي فقير من الأكسجين. غازات الوقود المتولدة هي خليط من مواد كيميائية، تتضمن: الهيدروجين والميثان وأول أكسيد الكربون والإيثيلين، ويمكن أن تحرق لأغراض التدفئة والإضاءة. يحتوي غاز الفحم –على سبيل المثال- أيضًا على كميات كبيرة من مركبات الكبريت والأمونيا غير المرغوبة، فضلًا عن الهيدروكربونات الثقيلة، وعلى هذا فإن غازات الوقود المصنّعة لابد من تنقيتها وتصفيتها قبل استخدامها.
هذه المقالة بحاجة لصندوق معلومات. |
قام فيليب لوبون بأولى المحاولات لتصنيع غاز الوقود بطريقة تجارية في الفترة 1798-1805 في فرنسا، وفي إنجلترا على يد ويليام مردوخ. على الرغم من إمكانية العثور على من سبقهم، إلا أن هذين المهندسين هما اللذان دمجا التكنولوجيا مع أخذ التطبيقات التجارية بعين الاعتبار. ينسب الفضل إلى فريدريك وينسور وراء إنشاء أول شركة غاز وهي شركة غاز لايت آند كوك ومقرها لندن التي تأسست بموجب الميثاق الملكي في أبريل عام 1812.
تأسست مرافق الغاز المصنّع أولًا في إنجلترا، ثم في بقية أوروبا وأميركا الشمالية في عشرينيات القرن التاسع عشر. زاد صعود التكنولوجيا وتسلقها، وبعد فترة من المنافسة، أصبح النموذج التجاري لصناعة الغاز ناضجًا في الاحتكارات، حيث قدمت شركة واحدة الغاز في منطقة معينة.
تباينت ملكية الشركات بين ملكية تامة للبلديات، مثل مانشستر، إلى شركات خاصة بالكامل، كما في لندن وأغلب مدن أمريكا الشمالية. ازدهرت ونمت شركات الغاز خلال معظم القرن التاسع عشر، وعادت بأرباح جيدة إلى المستمثرين بأسهمها، ولكنها كانت أيضا محل جدلٍ بسبب الشكاوى بشأن الأسعار.
كان أهم استخدام للغاز المصنع في أوائل القرن التاسع عشر هو الإنارة كبديل مناسب للشموع ومصابيح الزيت في المنزل. أصبحت إضاءة الغاز أول شكل شائع من وسائل إنارة الشوارع. لهذا الاستخدام، كانت هناك حاجة إلى غازات تحترق بشعلة شديدة التوهّج «غازات مضيئة» على النقيض من الاستخدامات الأخرى (مثل الوقود) حيث كان ناتج الحرارة هو الاعتبار الرئيسي. بناء على ذلك، عُزّزت الغازات ذات الإضاءة والتوهّج المنخفض بالنفط لجعلها أكثر ملاءمة لإنارة الشوارع.
في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، تحوّلت صناعة غاز الوقود المصنّعة من الإضاءة إلى الحرارة والطهي.[1] كان التهديد الناجم عن ظهور الضوء الكهربائي في أواخر السبعينيات والثمانينيات سببًا في دفع هذا الاتجاه بقوة. لم تترك صناعة الغاز سوق إنارة الغاز إلى الكهرباء على الفور، إذ إن اختراع شعلة ويلسباخ، وهي كيس من شبكة الصهر يحترق إلى الداخل بفعل شعلة غير مضيئة في الغالب، زاد بشكل كبير من كفاءة إضاءة الغاز. استخدم الأسيتيلين من حوالي عام 1898 في موقد الغاز والإضاءة بشكل ضئيل، انخفض استخدامه أكثر أيضًا مع ظهور الإضاءة الكهربائية، وغاز البترول للطهي. تشمل التطورات التكنولوجية الأخرى في أواخر القرن التاسع عشر استخدام غاز الماء وإلهاب الآلات، على الرغم من أنها لم تُعتمد وتُتبنَّ عالميًا.
في تسعينيات القرن التاسع عشر، بُنيت خطوط أنابيب من حقول الغاز الطبيعي في تكساس وأوكلاهوما إلى شيكاغو ومدن أخرى، واستخدم الغاز الطبيعي لإكمال إمدادات غاز الوقود المصنع، وحلّ محله بشكل كامل في النهاية. توقف تصنيع الغاز في أمريكا الشمالية بحلول عام 1966 (باستثناء إنديانابوليس وهونولولو)، في حين استمر في أوروبا حتى ثمانينيات القرن العشرين. يجري تقييم «الغاز المصنع» مرة أخرى كمصدر للوقود، حيث تنظر مرافق الطاقة مرة أخرى إلى تغويز الفحم باعتبار أنه يمكن أن يكون وسيلةً أنظف لتوليد الطاقة من الفحم، على الرغم من أنه من المرجح في الوقت الحاضر أن تسمى هذه الغازات «الغاز الطبيعي الصنعي».