داتشيا الرومانية
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
داتشيا الرومانية (وتعرَف أيضًا بداتشيا ترايانا، أي داتشيا التراجانية، أو داتشيا فيلكس، أي داتشيا السعيدة، أو الخصبة)، مقاطعة في الإمبراطورية الرومانية منذ عام 106 إلى 274–275 بعد الميلاد. تتكون أرض داتشيا من ترانسلفانيا، وألتينيا (مناطق من رومانيا المعاصرة)، وبانات (الفاصلة بين رومانيا وصربيا والمجر). كانت داتشيا من أول أمرها منظّمة على أنها مقاطعة إمبراطورية، تتضمن منطقة حدودية، وبقيت على هذا الحال طول فترة الوجود الروماني. يقدر المؤرخون سكان داتشيا الرومانية بعدد يتراوح بين 650 ألفًا، ومليون ومئتي ألف.[2]
داتشيا الرومانية | |
---|---|
الإحداثيات | 45°42′N 26°30′E |
تقسيم إداري | |
البلد | روما القديمة[1] |
اللغة الرسمية | اللاتينية |
رمز جيونيمز | 8378493 |
تعديل مصدري - تعديل |
أتم غزو داتشيا الإمبراطور تراجان (98–117)، بعد حملتين كبيرتين ضد مملكة دقبالوس الداسية. لم يحتل الرومان كل منطقة المملكة الداسية القديمة، إذ كان الجزء الأكبر من مولدافيا ومارامورس وكريسانا محكومًا من الداسيين الأحرار حتى بعد الغزو الروماني. عام 119، انقسمت المقاطعة الرومانية إلى جزأين؛ داتشيا العليا وداتشيا الدنيا التي سميت بعد ذلك داتشيا مالفنسس. في عام 124 (أو نحو عام 158)، انقسمت داتشيا العليا إلى محافظتين: داتشيا أبولنسس وداتشيا بروليسنسس. أيام الحروب الماركومانية توحدت الإدارة القضائية والعسكرية تحت حكم حاكم واحد، له مساعدان يتبعانه، وسميت حينئذ المقاطعة تري داساي (أي الداسيات الثلاث) وسماها بعضهم ببساطة: داسيا.
استعمرت السلطات الرومانية داتشيا استعمارًا كبيرًا ومنظمًا. فُتحت مناجم جديدة واشتدّت وتيرة التعدين، وازدهرت الزراعة وتربية الماشية والتجارة في المقاطعة. بدأت داتشيا توفّر الحبوب لا للجنود الموجودين فيها فحسب، بل لبقية المنطقة البلقانية أيضًا في ذلك الوقت. أصبحت مقاطعة حضرية، لها عشر مدن معروفة، ثماني مدن منها على رتبة عالية في الكولونيا (وهي بيان تصدره السلطات الرومانية تبيّن فيه منزلة المدن)، مع أن عدد المدن فيها كان أقل من عدد المدن في بقية محافظات الإقليم. تطورت كل المدن من معسكرات قديمة للجنود. كانت أولبيا ترايانا سارميزغتوسا مجلس الوكيل الإمبراطوري (مسؤول الاقتصاد) للأقسام الثلاثة كلها، وكانت المركز الاقتصادي والديني والقضائي للمقاطعة. أما أبولم فكانت مقر الحاكم العسكري للأقسام الثلاثة، ولم تكن أعظم المدن في المقاطعة فحسب، بل كانت واحدةً من أكبر المدن على الحدود الدانوبية.
كان في أول وجود الرومان في داتشيا ثغرات عسكرية واقتصادية فيها. كان الداسيون الأحرار الذي يجاورون المنطقة أول مشكلة، وهم الذين بعد أن تحالفوا مع السارماتيين، فتحوا المقاطعة أيام حكم ماركوس أوريليوس. بعد فترة هدنة شملت مناطق كومودس إلى كاراسالا (180–217 بعد الميلاد)، عادت المقاطعة مرة واحدة إلى مرمى الغزاة، هذه المرة الكاربيانيين، وهم قبيلة داسية حالفت الغوثيين الواصلين حديثًا، الواصلين في فترة من أصعب الفترات على الإمبراطورية. حين وجد الأباطرة أن الدفاع عن داتشيا صار صعبًا، اضطروا إلى أن يتخلوا عنها في العقد الثامن من القرن الثالث، فصارت أول أملاك روما طويلة الأمد التي تخلّت عنها. دمرت القبائل الجرمانية داتشيا (الغوثيون والتايفاليون والباستران) ومعهم الكاربانيون في 248–250، ثم أعاد الكاربانيون والغوثيون الكرة في 258 و263، ثم أعاد الغوثيون والهيروليون الكرة في 267 و269. تدل المصادر القديمة على أن خسارة داتشيا كانت ظاهرة منذ أيام حكم غالينيوس (253–268)، ولكنها تدل أيضًا على أن أوريليان (270–275) هو الذي تخلى عن داتشيا التراجانية. إذ أخلاها من جنوده وإدارته المدنية، وأسس داتشيا الأوريليانية وعاصمتها سرديكا في مويسيا الدنيا.
أصبح مصير شعب داتشيا التراجانية الذي ترَومَن محل خلافٍ شديد. تقول إحدى النظريات إن اللغة اللاتينية التي كان ينطق بها الداسيون القدماء، تحولت شيئًا فشيئًا بعد غزو الرومان إلى الرومانية، وبالتوازي مع هذا، نشأ شعب جديد من الداسيين الرومانيين (شعب داتشيا التراجانية المرَومَن). أما النظرية المخالفة فتقول إن الرومانيين منحدرون من الشعوب المرومنة في المحافظات الرومانية في شبه جزيرة البلقان.