مسرح العراق (تمرد الزنج)
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
مسرح العراق أحد منطقتين رئيسيتين للعمليات خلال تمرد الزنج، والأخرى هي مقاطعة الأحواز المجاورة.
الثورة التي بدأت في سبتمبر عام 869 جنوب العراق، اقتصرت في البداية في المنطقة المحيطة بمدينة البصرة الساحلية، وكذلك المناطق الجنوبية من الأحواز إلى الشرق. أثبتت الجهود التي بذلها الخلفاء العباسيون في سامراء لمحاربة التمرد عدم فعاليتها، واحتلت العديد من البلدات وتم نهبها والقرى. سقطت البصرة في شهر سبتمبر لعام 871 بعد حصار طويل، وبعد ذلك أُحرقت المدينة وذبح سكانها. انتهت الحملة الانتقامية التي قام بها الوصي على الخليفة أبو أحمد بن المتوكل (المعروف بلقب الموفق) ضد المتمردين عام 872 بالفشل، واستمر الزنج في الهجوم على مدى سنوات عديدة لاحقة.
استمر عجز الحكومة المركزية العباسية عن قمع الثورة والذي يرجع جزئيًّا إلى انشغالها في القتال ضد تقدم يعقوب بن الليث الصفاري إلى العراق، شجع الزنج على توسيع أنشطتهم نحو الشمال. أثبتت حملة المتمردين لاحتلال الأهوار الواقعة بين البصرة وواسط عام 876 نجاحها، وبعتدها شقوا طريقهم إلى منطقة تسمى كسكر. بحلول عام 879، وصل التمرد إلى أبعد مدى. تم نهب واسط وتقدم المتمردون نحو الشمال الغربي على طول نهر دجلة، ليصلوا إلى مسافة خمسين ميلاً من بغداد.
استعادت الحكومة العباسية زمام المبادرة في الحرب في أواخر عام 879، حينما أرسل الموفق ابنه أبو العباس (الخليفة المستقبلي المعتضد) بقوة كبيرة ليحاربوا المتمردين. انضم الموفق نفسه إلى الهجوم في العام التالي، وعلى مدى أشهر قليلة نجحت القوات حيث أرجعت المتمردين نحو "عاصمتهم" وهي منطقة تدعى المختارة، جنوب البصرة. تم وضع المختارة تحت الحصار في شهر فبراير عام 881، وأدى سقوطها في شهر أغسطس لعام 883، بالإضافة إلى مقتل أو أسر معظم قادة المتمردين، إلى إنهاء التمرد.
كان الزنج يقودهم شخصيًا زعيم الثورة علي بن محمد في المراحل الأولى من الحرب. بعد بناء المختارة، نادرًا ما كان يذهب علي إلى الميدان بنفسه، وأصبحت جيوش المتمردين في العراق تحت قيادة العديد من نوّابه، مثل يحيى بن محمد البحراني وبعد إعدام الكثير من نواب الزعيم عام 872 مثل: سليمان بن جامع وأحمد بن مهدي الجبائي وسليمان بن موسى الشعراني. قامت الحكومة العباسية، بتناوب عدد من الضباط لمتابعة الحرب ضد الزنج، لكن لم يكن التقدم كبيرًا في قمع التمرد قبل عام 879.
ضمّت جيوش الزنج، المدعومة برجال القبائل العربية المتحالفة، مزيجًا من قوّات المشاة وسلاح الفرسان، وتمكّنت من تحقيق انتصارات متكررة ضد القوات الحكوميّة في كل من المعارك الضارية والكمائن. تم الاعتماد من كلا الجانبين أيضًا بشكل كبير على المراكب المائية للتنقل في نظام القنوات الواسع بالجزء السفلي من العراق والممرات المائية في الأهوار، وكثيرًا ما تم استخدام المراكب لنقل الرجال والمعدات. كما قام المتمردون بأنشطة أخرى في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، كبناء الحصون، وتأمين الاتفاقيات مع المناطق المجاورة، وجمع الضرائب والإمدادات، وحفر القنوات، وسك العملات المعدنيّة الخاصّة بهم. [1]